الأربعاء 27 ذو الحجة 1445 ﻫ - 3 يوليو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

فرنسا على عتبة الدخول في تغيير "مجهول الهوية"

منذ تبدل مزاج أوروبا وفرنسا بشكل خاص كونها القوة العسكرية الوحيدة التي تشكل حماية لدول الاتحاد الأوروبي، والذي ظهر من خلال نتائج انتخابات الاتحاد المذكور والتي دخل من خلالها اليمين المتطرف حاجزاً له عددا مهما من المقاعد، وشكل محطة مفصلية في الساحة الداخلية الفرنسية ما دفع بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعلان حل الجمعية الوطنية “البرلمان” والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

خطوة ماكرون طرحت العديد من التساؤلات حول أهدافها باعتبارها مغامرة لا يمكن التكهن بنتائجها وانعكاساتها على ائتلافه الحاكم، في حال تمكن اليمين المتطرف من الوصول إلى الأغلبية المطلقة وهو أمر سعى إليه الأخير منذ بداية ظهور جان ماري لوبن عام 1972 الاب المؤسس مع إطلاقه حزب ” الجبهة الوطنية” وتعزز مع وصول الأخير إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية عام 2002.

لم تتوقف مسيرة هذا الحزب في خوض الانتخابات رغم الصعوبات التي واجهته على الصعيد الداخلي من جهة والبرنامج الذي تعرض لتعديلات قادتها ماريان ابنة المؤسس وأوصلتها إلى منافسة الرئيس ماكرون في الانتخابات الرئاسية والحلول في المركز الثاني خلفه بنسبة 40%؜ من الأصوات عام 2022 وهي تعتبر النسبة الأعلى في تاريخ حزبها.

وفق المحللين ستشكل الانتخابات البرلمانية المبكرة محطة مفصلية في تاريخ فرنسا في حال فوز اليمين بالأغلبية المطلقة وهو ما يفرض وصول رئيس وزراء من هذا اليمين وهو يعتبر سابقة تاريخيّة منذ الحرب العالمية الثانية، لكن الأمور ستظل رهن المرحلة الثانية من الانتخابات التي ستجرى الاحد القادم ما لم يفز احد الأحزاب بالأغلبية المطلقة وهو امر نادر جدا في هذا الاستحقاق، مع الإشارة إلى ان نسبة الاقتراع تجاوزت الـ 65%، لا يمكن التكهن باتجاهاته لاسيما للذين سيقترعون خارج الأراضي الفرنسية ومعظمهم من جنسيات مزدوجة قلقة من برنامج اليمين لناحية المهاجرين وتسلمهم مراكز رسمية .

بانتظار جلاء مشهد هذه الانتخابات التي ستكون الجولة الأولى جزءا من اللوحة التي سيتكون منها البرلمان الفرنسي المؤلف من 577 عضوا، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار التحالفات التي قد تنشأ بين الجولتين والتي قد تفرز مجلسا غير متجانسا يفرض تعيين رئيس حكومة لا يمتلك الأغلبية المطلقة وهذا ما سيجعل الجمعية الوطنية مسرحا للصراعات على صعيد إقرار القوانين المحلية التي ترتبط بالأمور الحياتية للفرنسية والمهاجرين.

هذه المعضلات لن يكون لها تأثيرا كبيرا على السياسة الخارجية للرئيس ماكرون الذي يملك صلاحية البت بالشؤون الخارجية والأوروبية والدفاعية، وسيفرض عليه التعايش القسري بغض النظر عن الفائزين لاسيما وان صلاحية حل البرلمان لا يمكنه تكرارها قبل مرور سنة على هذه الانتخابات، مع الإشارة إلى ان تجربة حل البرلمان تكررت 6 مرات منذ العام 1962 في عهد الرئيس شارل ديغول (مرتين) مرورا بالرئيس فرانسوا ميتران (مرتين) والرئيس جاك شراك وصولا لماكرون.